مرحباً بكم في مدينة قارة السورية الثلاثاء   19/8/2025  الساعة  07:13 مساءً Welcome to the Syrian city of Qarah
المنتدى
الصفحة الرئيسية للمنتدى  |  التسجيل في المنتدى  |  تعديل البيانات الشخصية  |  قواعد الكتابة في المنتدى  |  بحــث

منتدى الحوار  >>  منتدى الحوار العام  >>  دعوة على البكاء

الكاتب
الموضوع لكتابة موضوع جديد   
بدر الليل

عضو مميز
عضو مميز
دعوة على البكاء

روي أن عمر بن عبد العزيز قرأ يوماً قوله تعالى:
*وما تكون في شأنٍ وما تتلوا منه من قرآن ولا تعملون من عمل
إلا كنَّا عليكم شهوداً إذ تُفيضون فيه*.فبكى بكاءً شديدا حتى
سمعه أهل الدار فجاءت فاطمة زوجه فجلست تبكي لبكائه
وبكى أهل الدار لبكائهما،فجاء ولده عبد الملك فدخل عليهم
وهم يبكون،فقال :يا أبت ما يبكيك؟فقال:يابني ودَّ أبوك لو
لم يعرف الدنيا ولم تعرفه.
وعن عمر بن مهاجر قال :قال لي عمر بن عبد العزيز:إذا
رأيتني ملت عن الحق فضع يديك في تلابيبي وهزني،ثم
قل:ماذا تصنع يا عمر؟.
وعن يزيد بن حوشب قال: ما رأيت أكثر خوفاً من الحسن
ومن عمر بن عبد العزيز كأن النار لم تخلق إلا لهما.
وأخرج ابن أبي الدنيا عن عمر بن عبد العزيز قال: ليس تقوى الله بصيام النهار، ولا بقيام الليل، والتخليط فيما بين ذلك، ولكن تقوى الله، وترك ما حرم الله، وأداء ما افترض الله، فمن رزق بعد ذلك خيرا فهو خير إلى خير.
وأخرج ابن سعد عن عمر بن عبد العزيز. أنه قال يوما: إني أكلت حمصا وعدسا فنفخني. فقال له بعض القوم: يا أمير المؤمنين إن الله يقول في كتابه :*كلوا من طيبات ما رزقناكم* فقال عمر: هيهات ،ذهبت به إلى غير مذهبه، إنما يريد به طيب الكسب ولا يريد به طيب الطعام.
وأخرج البيهقي عن حاتم بن مروان قال: كان عمر بن عبد العزيز يوجه بالبريد قاصدا إلى المدينة ليقرئ عنه النبي صلى الله عليه وسلم السلام.
خرج ابن عساكر عن ميمون بن مهران قال قال له عمر بن عبد العزيز: إحفظ عني أربعا: لا تصحب سلطانا وإن أمرته بمعروف ونهيته عن منكر، ولا تخلون بامرأة ولو أقرأتها القرآن، ولا تصلن من قطع رحمه فإنه لك أقطع، ولا تتكلمن بكلام تعتذر منه غدا.
وعن يونس بن أبي شبيب قال: شهدت عمر بن عبد العزيز وهو يطوف بالبيت وإن حجزة إزاره لغائبة في عكنه ،ثم رأيته بعد ما استخلف ولو شئت أن أعد أضلاعه أن أمسها لفعلت.
وقال الفرزدق لما مات عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه:

لوأعظم الموت خَلقاً أن يواقعه ......... لعدله لم يصبك الموتُ ياعمرُ

....



تم تعديل هذه المشاركة بتاريخ 18-10-2004 الساعة 16:15 من قبل: بدر الليل  
18-10-2004    16:11
مشاهدة اللمحة الشخصية تحرير/حذف الرسالة
حسن البريدي

مشرف
مشرف



أشكر الأخ بدر الليل على هذه النفحات الإيمانية والقصص والعبر التي يقف بعدها المرء مصدوماً بفــارق واسع وهوة كبيرة بين أيام الصحابة رضي الله عنهم وأرضاهم وأيامنا الرخيصــة ..

تحية خاصة للبدر..

ورمضان مبارك..





----------------------------------
- كن كالغيث.. أينما هلَّ ؛ نفع ..
19-10-2004    00:18
مشاهدة اللمحة الشخصية تحرير/حذف الرسالة
بدر الليل

عضو مميز
عضو مميز


قال الله تعالى:
*ومن آياته خلق السموات والأرض و اختلاف ألسنتكم وألوانكم

إنَّ في ذلك لآيات للعالِمين* صدق الله العظيم

نعم إن في ذلك آياتٍ للعالِمين(بكسر اللام).

إنها الدقة والإعجاز في الخلق...سواء ما يبدو لنا واسعاً مترامي

الأطراف ،غير محدود الحدود،كالسموات والأرض ،أو ماهو

في متناول جوارحنا وملكاتنا العقلية، كأنفسنا...

ويرتبط ذكر السموات والأرض مع ذكر الخلق الآدمي ...

قال تعالى:*سنريهم آياتنا في الآفاق وفي أنفسهم...*

وقال تعالى:*ما أشهدتهم خلق السموات والأرض ولاخلق

أنفسهم...*

ويعجز الإدراك ،ويرتد البصر وهو حسير ،أمام عظمة

الكون ،ودقة توازنه..

والأمر نفسه عند الحديث عن إحسان خِلقتنا..

*...واختلاف ألسنتكم .* فهمها الأقدمون بأنها "اختلاف اللغات

واللهجات ."وصدقوا وهذا من عظمة الخلق أن نرى هذا التنوع

البشري ،المتفاعل ،على مدى الأزمنة ..*..وجعلناكم شعوباً

وقبائل لتعارفوا..*

أما العلم الحديث فقد اكتشف أموراً أعمق:

اختلاف النبرة (او البصمة ) الصوتية بين البشر وبشكل دقيق،

فلكل شخص (تخطيط صوتي )خاص به:

وأفاد هذا الاكتشاف في العديد من المجالات :الصناعية ،الجنائية

فهناك صناديق أموال تفتح بصوت صاحبها..وكذلك أجهزة اتصال

وقرأت من فترة في موقع الجزيرة أن شركة هوندا طرحت

سيارات تتفاعل مع صوت صاحبها( أعتقد أن هذه السيارة إذا

أتت على الضيعة فإنها ستحرن في ساحة الخان).

وكلنا يسمع في وسائل الإعلام عن تحليل الشرائط الصوتية..

*..وألوانكم..*..نعم هناك اختلاف ظاهر للعيان بألوان البشر

عرق أبيض ..أسود...أحمر...

ولكن إذا تفكرنا أكثر..فإن مكان اللون هو الجلد..وعالم الجلد

غريب وعجيب فهو يحتوي على العديد من الأجهزة الوظيفية

من إحساس بألم ..حرارة..لمس..اهتزاز...وضعية...

ومن غدد عرقية ..وخلايا صباغية...

وقد لوحظ وجود رائحة خاصة لكل شخص (بصمة الرائحة)

ذكرها القرآن الكريم:* ..إني لأجد ريح يوسف..*

وكلنا يعرف فائدة هذا الأمر في النواحي الجنائية...

وهناك وظيفة للجلد تظهر يوم القيامة ،حيث تشهد الجلود

على أصحابها بما عملوا في الدنيا ..

ضحك رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات يوم وتبسَّم فقال:

"ألا تسألوني عن أي شيء ضحكت؟"قالوا:يا رسول الله عن

أي شيء ضحكت؟،قال صلى الله عليه وسلم:"عجبت من

مجادلة العبد ربَّه يوم القيامة، يقول:أي ربي، أليس وعدتني

ألا تظلمني؟،قال:بلى،فيقول :فإني لاأقبل علي شاهداً إلامن

نفسي،فيقول الله تبارك وتعالى:أوليس كفى بي شهيداً وبالملائكة

الكرام الكاتبين؟قال:"فيرددهذا الكلام مراراً"-قال-فيختم على

فيه، وتتكلم أركانه بما كان يعمل،فيقول:بُعداً لكنَّ وسحقا،عنكنَّ

كنت أجادل"رواه مسلم.

قال تعالى:* وقالوا لجلودهم لم شهدتم علينا قالوا أنطقنا الله الذي

أنطق كل شيء وهو خلقكم أول مرة وإليه ترجعون*وما كنتم

تستترون أن يشهد عليكم سمعكم ولا أبصاركم ولا جلودكم ولكن

ظننتم أن الله لا يعلم كثيراً مما تعملون*وذلكم ظنُّكمُ الذي ظننتم بربكم
أرداكم فأصبحتم من الخاسرين*سورة فصلت21-22-23 .
وصدق حبيب رب العالمين صلى الله عليه وسلم بقوله
:"لو علمتم ما أعلم لضحكتم قليلا ولبكيتم كثيراً..."

سبحانك يارب ماقدَّرنا عظمتك ولا ثوابك ولا عقابك حق قدرها

ولكن حَسُنَ ظننا بأن مغفرتك أوسع من ذنوبنا ،وأن قلوبنا بين

يديك ،فيا مقلب القلوب والأبصار ثبت قلوبنا على دينك وطاعتك
....




19-10-2004    00:54
مشاهدة اللمحة الشخصية تحرير/حذف الرسالة
محمد حسين الشيخ

عضو مميز
عضو مميز
بارك الله لك

العزيز بدر الليل بارك الله فيك ونور دربك بعلمه
والله أنك أنرت هذا المنتدى بفكرك النير
لقد أدخلت الى القلب وهج من قبس ما رويت
حتى وصل به الحس الى أعلى مستوى من نشوة الخشوع
وبذكر النور الذي تلوت أولجت القلب في نشوة أنبهاج جميل
أوصله بدعوتك ليبكي حاله وما وصل أليه من العصيان والتقصير
بارك الله فيك وسدد خطاك يا سيدي
19-10-2004    01:12
مشاهدة اللمحة الشخصية تحرير/حذف الرسالة
بدر الليل

عضو مميز
عضو مميز


السلام عليكم

عن عبادة بن الصامت رضي الله عنه ،أن نبي الله صلى الله عليه وسلم قال:

" من أحبَّ لقاء الله أحبَّ الله لقاءَهُ ، ومن كره لقاء الله كره الله لقاءَهُ".مسلم2683

إن لقاء الله يكون بعد الموت ، وفي تلك اللحظات الحرجة من سكرات الموت

يتحدد مستقبلنا الأخروي..

وإن من أشد الناس حباً للقاء الله من يعطي روحه في سبيل الله، فيكافئه

المولى مباشرة بالأعطيات الإلهية ، وأولها أن الألم الذي يشعر به عند

استشهاده ،يعادل شعور أحدنا بوخزة أو قرصة ،ثم تبدأ مراسم استقبال

الشهيد من مغفرة وتزويج وفرح واستبشار ....فهنيئاًً ..هنيئا..

والذين يتمنون الموت قسمان ،فمنهم من يطلبه هروباً من معاناة أو مرض

وشدة ،ومنهم من يتمنونه شوقاً للقاء الله..وحتى هؤلاء يتعرضون للتمحيص.

إن سيدنا يوسف عليه السلام ،لم يطلب الوفاة أثناء ابتلائه المتكرر، إنما

بعد حصوله على مقام دنيوي عزيز، والتمام شمل على أهله وإخوته..

فقال :* رب قد آتيتني من الملك وعلمتني من تأويل الأحاديث فاطر السموات

والأرض أنت ولِيِّ في الدنيا والآخرة توفني مسلماً وألحقني بالصالحين*يوسف101

وقد أعطانا المولى الفرصة للتعبير عن محبة لقائه في حياتنا الدنيوية الفانية

فقد جاء في الحديث القدسي.."....ومن تقرب مني شبراً تقربت منه ذراعاً،

ومن تقرب مني ذراعاً تقربت منه باعاً، ومن أتاني يمشي أتيته هرولة...."

وإن من أشكال لقاء الله في الدنيا ..الوقوف بين يديه في الصلاة..نعم ..فالصلوات

الخمس ..لقاء بين العبد وربه..*قد نرى تقلُّب وجهك في السماء فلنولينك

قبلة ترضاها فوَلِّ وجهك شطر المسجد الحرام1 ...فولوا وجوهكم شطره2

...فولِّ وجهك شطر المسجد الحرام3....فولِّ وجهك شطر المسجد الحرام4

....فولوا وجوهكم شطره5...*سورة البقرة144-149-150

وكأنَّ هذا التكرار للتولية خمس مرات فيه إشارة قرآنية للصلوات الخمس..

إن ما دفعني لكتابة هذه المشاركة ،شعور بالفرح عندما توضأت لأصلي من

قيام هذه الليلة المباركة ..أحسست للحظات و كأنني سألاقي غائباً عزيزاً

..وحتماً هذا الشعور هو من بركة ليالي هذا الشهر الكريم ، فالله العزيز الغفار

مطلع على تقصيري وكسلي وإهمالي في فروضه ، ومن كرمه أن منَّ علينا

بهذا الشهر الذي تُصَفَّدُ فيه الشياطين ،وترق القلوب ،وتنهض العزيمة..

ويا ليت السنة تكون كلها رمضان...

اللهم حبب إلينا الإيمان وزينه في قلوبنا ، وكره إلينا الكفر والفسوق والعصيان

واجعلنا مع الراشدين..

اللهم أحينا ما كانت الحياة خيراً لنا ،وتوفنا إذا كانت الوفاة خيراً لنا

اللهم وهبنا شوقاً للقائك ..من غير ضراء مضرة و لا فتنة مُضلَّة

وصل وسلم وبارك على سيد المشتاقين إليك عبدك وحبيبك ونبيك محمد

وعلى آله وصحبه ..يا أرحم الراحمين

....
20-10-2004    03:35
مشاهدة اللمحة الشخصية تحرير/حذف الرسالة
بدر الليل

عضو مميز
عضو مميز
سيد المحبين للقاء الله


عن عبد الله بن عمرو ،عن أبي مُويهبة مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم

قال:قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم:"إني قد أمرت أن أستغفر لأهل

البقيع ،فانطلق معي ". فانطلقت معه في جوف الليل، فلما وقف عليهم قال:

" السلام عليكم يا أهل المقابر ليهنكم ما أصبحتم فيه مما أصبح فيه

الناس ، أقبلت الفتن كقطع الليل المظلم يتبعُ آخرها أولها ، الآخرة أشدُّ

من الأولى " .ثم أفبل عليَّ فقال:" با أبا مويهبة إني قد أوتيت بمفاتيح

خزائن الدنيا والخلد فيها ثم الجنة ، فخيرت بين ذلك وبين لقاء ربي ".

قلت : بأبي أنت وأمي ! خذ مفاتيح خزائن الدنيا والخلد فيها ثم الجنة .

قال:"لا والله يا أبا مويهبة ، لقد اخترت لقاء ربي ".

ثم استغفر لأهل البقيع ، ثم انصرف ، فَبُدِئَ رسول الله صلى الله عليه وسلم

في وجعه الذي مات فيه .
(سنن الدارمي)
21-10-2004    19:06
مشاهدة اللمحة الشخصية تحرير/حذف الرسالة
بدر الليل

عضو مميز
عضو مميز
هنا تسكب العبرات يا عمر

.............................................................................................

..ما كتبه المسلم الأمريكي جيفري لانغ عن أدائه لفريضة الحج :

"...وعندما وصلنا إلى مكة ذهبنا مباشرة إلى المسجد الحرام والذي يقع

في قلب المدينة. كان الوقت مساءً ولكن أنوار المسجد الوفيرة جعلت منه

كمصباح عملاق يضيء المدينة بأكملها . وساحة الحرم غير مسقوفة وقد

بدت السماء الصافية المزدانة بالنجوم في تلك الليلة و كأنها مظلة كبيرة

ترصعها النجوم فوق تلك الساحة .

كنت آمل أن أدنو من الكعبة التي تتوسط الساحة ، ولكن حشوداً من عشرات

الآلاف من البشر حالت دون ذلك.

صعدت إلى أحد الأروقة والتي صممت مؤخراً لتستوعب الفائض من البشر

الذين يريدون الطواف حول الكعبة . وحتى في الرواق الثاني لم يكن هناك

مكان من شدة الزحام ، وبصعوبة حصلنا على مكان في الرواق الثالث.

والأروقة جميعاً تشرف على ساحة الحرم والكعبة ...

حدَّقت في منظر ساحة الحرم فتملكني العجب، فقد كانت هناك دوامة

كبيرة من البشر تدور حول الكعبة ، كان هناك دُرْدُورٌ هائل من أقوام جاؤوا

من كل حدب وصوب ارتفعت فوقهم دندنة متواصلة من الدعاء والتضرع

في مختلف اللغات .كان هناك آلاف وآلاف من الحجاج يتوشحون البياض

ويطوفون حول الكعبة يبتهلون إلى الله ويسبحون بحمده .

لقد ذكرني هذا المنظر بوصف القرآن والأحاديث النبوية بالملائكة التي

تطوف من حول العرش وهي تسبح الله إلى يوم القيامة .

شعرت بالحاجة الماسة كي أعود للساحة الرئيسية للحرم بحيث أنضم

للتيار البشري من حول الكعبة بحيث أشعر وبشكل مباشر بقوة هذا التيار

وبقداسة طوافه . نزلت من خلال أحد السلالم إلى الطابق الأرضي

وسحبت نفسي وأنا أعتصر وسط الزحام حتى وصلت إلى طرف الساحة

الرئيسية ...

...يتبع...

...



11-1-2005    14:48
مشاهدة اللمحة الشخصية تحرير/حذف الرسالة
بدر الليل

عضو مميز
عضو مميز



.دسست نفسي في فسحة صغيرة من المكان تشكلت بسبب المدوالجزر

من تيار البشر ، وسرعان ما شعرت وكأنني أعتصر من كل الجوانب .نصبت

قامتي وأقمت جسمي بحيث أشغل أقل حيز ممكن وسط الحجاج، وسرعان

ما شعرت بموجة هائلة تمور بي وبمن حولي وهي تدفع بنا نحو الأمام.ثم

مال بنا الحشد نحو اليسار ولم يكن لي بد إلا أن أميل معه ،وكنت كلما حاولت

أن أثبت أقدامي على الأرض كانت تأتيني دفعة من الخلف فأندفع معها

وأدور دورة كاملة حول نفسي .أدركت على عجل أن خير ما في الأمر هو أن

أسترخي وأدع تيار البشر يدفع بي أينما توجه .

وكل حاج يأمل بأن يستلم الحجر الأسود الموجود في أحد جدران الكعبة،

..والذي كان النبي صلى الله عليه وسلم يقبله بعد كل طواف. وفي كل

شوط من أشواط الطواف كان الزحام يدفع بي وبمن حولي أقرب وأقرب نحو

الحجر بحركات لولبية متناقصة . شعرت بفردية لا تقاوم ،ولكنني لم أكن

سوى جزيء صغير يدور في بحر واسع من البشر ،وبرغم أن كلاً منا كان

يحاول أن يشق طريقه الخاص وسط الزحام الهائل، فإننا جميعاً كنّا مشدودين

نحو قوة عظيمة واحدة.وفي الشوط السابع لم أكن أبعد عن الكعبة سوى

بضعة أقدام .وبينما كنت أحاول أن ألمس الحجر الأسود دفع بي التيار نحو

الأمام ولكنني تمكنت من أن ألمسه بيدي اليسرى . وعندما حاولت الانحناء

لتقبيله شعرت بمن يضربني بقوة على رأسي ويدفعني بعيداً.صرخ أحدهم

بالعربيةقائلاً: دعه،دعه يقبله. أفسحت لي حفنة من الحجيج المكان لتقبيله

لثوان معدودة،وما أن لامست شفتاي الحجر حتى شعرت بدفعة قوية من

البشر تدفع بي بعيداً نحو الأمام ...

...يتبع...
11-1-2005    21:12
مشاهدة اللمحة الشخصية تحرير/حذف الرسالة
بدر الليل

عضو مميز
عضو مميز


صليت بعد ذلك ركعتين خلف مقام إبراهيم عليه السلام ،ثم سحبت نفسي

وسط الزحام متوجهاً نحو الصفا والمروة وهما تلتان صغيرتان من

الصخور ضمن الحرم تفصل بينهما مسافة حوالي الميل .ويسعى الحجاج

بين الصفا والمروة سبعة أشواط مع بعض الهرولة ، ولكن الهرولة

كانت مستحيلة تلك الليلة ذلك أن المسعى كان أكثر ازدحاماً من ساحة

الحرم .فمن شدة الزحام كنا نتوقف عن المسير مرات عديدة في السعي

بل كان الحشد يدفع بنا إلى الوراء أحياناً .وفي أحد الأشواط سقط

دليل الحج من يدي ، وكاستجابة طبيعية انحنيت كي ألتقطه ، ولكن

في اللحظة شعرت بدفع قوي من الحشد ، وسرعان ما بدأت أفقد

توازني لولا أن رجلاً بجانبي أمسك بذراعي وأعادني بقوة إلى

الوراء .قال لي بالإنجليزية :عليك أن تنساه ، وإلا قد يدهسك الخلق

وتودي بنفسك للهلاك.لقد كان على حق طبعاً ، ولقد عبرت له عن

شكري الجزيل....

بينما كنت أقترب من الشوط الأخير في السعي شاهدت العديد

من المشاهد العاطفية ، شاهدت أطفالاً صغاراً محمولين على أكتاف

والديهم، وشاهدت أولاداً يعينون آباءهم وأجدادهم في السعي

وشاهدت زوجاتٍ وقد شبّكن أيديهن بأيدي أزواجهن والجميع جاء

لهدف واحد هو مرضاة الله. كان هناك القليل القليل ممن بدا على وجوههم

الإحباط والغضب ، ولكن معظم وجوه من كان حولي كانت تعلوها

الطمأنينة والسعادة . فكرت كيف كان سيبدو الوضع فيما لوكان

هذا الحشد في مكان آخر .لابد وأن يكون هناك نزاع وشجار

ومع ذلك فخلال الفترة التي قضيتها بين مشاعر الحج جميعاً

لم أجد ولا حتى شجاراً واحداً....

15-1-2005    20:32
مشاهدة اللمحة الشخصية تحرير/حذف الرسالة
بدر الليل

عضو مميز
عضو مميز


في عرفات

...في هذا اليوم وصلت موجة الحر التي كنا نعاني منها إلى القمة .ففي

عرفات لاتوجد مكيفات، وكانت الحمى التي أعاني منها ما تزال تزداد سوءاً

لم أشعر بالحر في حياتي مثلما شعرت به يوم عرفات .كنت من شدة التعب

والمرض لا أقوى على الوقوف أو الجلوس ولذلك أمضيت معظم وقتي قبل

العصر وأنا مستلق على ظهري فوق حقيبة نومي .استيقظت حوالي الثالثة

عصراً،جثوت على قدمي ثم رفعت حقيبة نومي بحيث ينساح عنها ما تجمع

من عرق جسدي .التفت حولي لأرى بعض من معي جالساً وبعضهم قائماً

ولكن الجميع كان متجهاً نحو الكعبة وهو يبتهل ويتضرع إلى الله.

نظرت خلفي وإذا بأحد عمال الجامعة وهو من بنغلادش- ولم يكن يتكلم

العربية ولا الانجليزية - ينحب بالبكاء ..كان المشهد مخيفاً..فقد شعرت

وكأنني استيقظت فجأة لأجد نفسي أواجه أزمة إنسانية مروّعة وعظيمة.

إن يوم عرفات يدعى أيضاً يوم الوقفة لأن الحجاج يقفون من الظهر إلى

صلاة المغرب ولفترات طويلة وهم يبتهلون إلى الله كل بطريقته الخاصة

فمنذ حوالي الثالثة من ذلك اليوم وحتى قبيل المغيب وقفت مع حوالي

المليوني مسلم في صعيد عرفات المغبر والحار ندعو الله ونبتهل إليه

ونسبحه ونحمده. وخلال هذا الوقت نسيت تماماً الحر الشديد ونسيت

مرضي ونسيت العام الصعب الذي كنت أمر به . لم أفكر بشيء سوى

بيوم القيامة والذي بدا لي أنه يشبه بحال من الأحوال يوم الوقفة....

...

16-1-2005    14:01
مشاهدة اللمحة الشخصية تحرير/حذف الرسالة
بدر الليل

عضو مميز
عضو مميز


في المزدلفة بعد عرفات

...لقد أثرت الحصى التي كانت تحت حقيبة نومي في جانبي ظهري بينما

استلقيت على ظهري وأنا أحدق في النجوم. فكرت أنني لم أخرج للتخييم

خلال نشأتي في أمريكا واعتقدت أنني ربما لن أقدر على النوم في مكان

كهذا دون خيمة تظللني ، وبعددكبير من البشر من حولي يغطون بصوت

مرتفع.كانت تلك آخر فكرة تخطر في بالي تلك الليلة .وأما الشيء التالي

الذي عرفته هو أن يد أحدهم تربت على كتفي لتوقظني .لقد نمت نوماً

عميقاً لدرجة أنني نسيت أين كنت .فكرت لعدة ثوان أنني في بيت أمي

في كونكتيكت، وأن أمي توقظني للمدرسة.قال أحد الأخوة ممن كانوا

معنا والذي كان يوقظني : انهض يا أخي إنه الفجر .

...رمي الجمرات..

كان معظم الحجاج هادئين بينما يرمون حصاهم ، ولكن كان هناك قلة

من الثائرين .وبرغم أن هذه الجمرات تمثل الشيطان ، وأن رميها بالحصى

يمثل تصميم الحاج المؤمن على مقاومة إغواء هذا الشيطان،فإن بعضهم

تصرف كما لو أن الجمرات هي الشيطان نفسه.فقد كان كل من هؤلاء

الثائرين يرمي بحصاه وهو غاضب ، يشتم الجمرات كما لو أنها كانت

ابليس الجاثم أمامه ...قال أحدهم بالعربية مخاطباً الجمرة على أنها

ابليس: لَعَنَكَ الله فأنت الذي أفقدتني زوجتي ...

وعندما انتهيت من رمي الجمرات لم يبق لي من مشاعر الحج سوى

واحدة وهي التضحية بخروف ...اقتربت من نافذة أحد الأكشاك ..فسألني

الموظف عن نوع الأضحية وعن البلد الإسلامي الذي أريد أن ترسل

الأضحية إليه ، أجبته بما أريد ودفعت له مبلغاً من المال ، أعطاني قسيمة

كتب عليها ما اتفقنا عليه .وبهذا أكون قد أكملت أركان الحج..

...يتبع...
18-1-2005    01:01
مشاهدة اللمحة الشخصية تحرير/حذف الرسالة
بدر الليل

عضو مميز
عضو مميز


...اللقاء الأخير...

...وبرغم أنني عملياً أنهيت الحج، فقد بقي ثمة شعور يراودني ، شعور من

عدم الراحة وكأن هناك شيئاً فقدته أو شيئاً غفلت عنه ولم أنجزه ...

تقدم باص إلى الموقف حيث يصعد الحجاج إلى منى .سألته: إلى منى؟

فأومأ برأسه ، أي نعم. دفعت له بعشرة ريالات ، ثم بدأت أبحث عن مكان

في الباص بحيث أجلس بمفردي دون أن يضايقني أحد.فلقد سئلت عن

جنسيتي وإسلامي أكثر من مئتي مرة في الأسبوع الماضي....

شعرت بأن أحداً ما يجلس عن يساري..قال بأدب جم : أستميحك العذر

هل لي أن أسألك سؤالاً ؟.أدرت وجهي نحو الأمام دون أن أفتح عيني وقلت

له بتنهيدة عميقة :هات ما عندك .

سألني والدهشة بادية عليه :هل أنت أمريكي؟

أجبته بتململ وأنا أتوقع سؤاله التالي :نعم أنا أمريكي.

ثم مال نحوي قليلاً وسألني في همس : هل لك أن تخبرني كيف أصبحت

مسلماً؟...أعطيت الرجل الإجابة المختصرة التالية دون أن أغير من جلستي

أو أفتح عيني، قلت :" ولدت مسيحياً ثم إني في الثامنة عشرة من عمري

أصبحت ملحداً بسبب بعض الاعتراضات العقلانية على فكرة الله في

المسيحية . بقيت ملحداً لمدة عشر السنوات التالية . قرأت تفسيراً

للقرآن في سن الثامنة والعشرين فوجدت فيه إجابات متماسكة

ومنطقية لأسئلتي وهذا الأمر دفعني للإيمان بالله عن طريق الإسلام

من خلال قراءتي للقرآن . وهكذا أصبحت مسلماً ".

وعندما أنهيت موجز قصتي نظرت خلسة نحو اليمين ، لأرى إن كانت

إجابتي المقتضبة الجافة قد نفرته أم لا . ولدهشتي رأيت الدموع

تسيل على خدي الرجل ، وسرعان ما شعرت بالحرج . وفي الحال

سألت الله أن يغفر لي تكبري وصلفي ، وتوسلت إليه أن يجعلني في

مثل تواضع ذلك الأخ في الله، الذي أثار الإيمان القوي في قلبه الشجن

فدفعه للبكاء بمثل تلك السهولة ، والذي استطاع أن يدرك رحمة وعظمة الله

في قصتي برغم الطريقة التي رويتها بها .

عدلت من جلستي ثم استدرت إليه قائلاً:

" ما اسمك ؟ ومن أي البلاد أنت؟

أجابني ببسمة بينما كان يمسح الدمع عن خديه :" اسمي أحمد ، وأنا من

بنغلادش".

قلت له :" سعيد بمقابلتك يا أحمد . اسمي جفري ، وأنا من ولاية كانساس

في أمريكا ".

نتابع الحوار...إن شاء الله تعالى

19-1-2005    21:23
مشاهدة اللمحة الشخصية تحرير/حذف الرسالة
بدر الليل

عضو مميز
عضو مميز


...سألني أحمد فجأة وبسرور:" ألم يكن هذا الحج رائعاً يا أخي جفري؟"

ولكنني لم أعقب . ولكنه تابع قائلاً :" أتذكر اليوم الذي وصلنا فيه كيف كان

جميع الحجاج يهللون وينادون من حولنا لبَّيك اللهم لبَّيك ..وهل تعرف ما معنى

لبَّيك في بلدي؟". قلت له :" يؤسفني أن أقول لك إنني لا أكاد أعلم أي شيء

عن بنغلادش ".نظر إلي نظرة ثاقبة ثم قال :" في بلدي عندما ينادي المعلم

عل أحد طلابه فإن الطالب سرعان ما ينصت للمعلم ويقول :لبَّيك أستاذي لبَّيك

كما لو أنه يقول له : أنا جاهز لخدمتك يا سيدي . وهذا ما يتوجب عمله تجاه

الله ، وهكذا كان الأنبياء جميعاً ، وهكذا كان النبي إبراهيم عليه السلام عندما

أمره ربه أن يؤذّن بالحج . لم يكن معه في مكة كلها أحد ، اللهم سوى عائلته

وبعض الرعاة ممن كان يتجول في المنطقة .فلو كنت أنا أو أنت ممن يتوجّب

عليهم الدعاء للحج ، ربما قال أحدنا : ولكن كيف أنادي للحج في الوقت الذي

لا يوجد فيه أحد من حولي ؟ ولكن ثقة إبراهيم عليه السلام بربه وإيمانه به

كانت عظيمة لدرجة أنه بدأ بالنداء للحج في اللحظة التي أمره فيها ربه .

فقد صعد ربوة في ذلك المكان الخالي وشرع مباشرة بالأذان . آه يا أخي

جفري ، ليت نبينا إبراهيم عليه السلام يرى ملايين المؤمنين هنا وقد جاؤوا

جميعاً استجابة لدعائه . ليته يرانا الآن ، أنت من أمريكا وأنا من بنغلادش

نجلس سوية هنا في هذا الباص كإخوة في طريقنا إلى منى".

حان الآن دوري لأشعر بفيض المشاعر ، فقد شعرت بالخجل من نفسي

شعرت وكأنني أريد أن أبكي ، بل كنت على وشك البكاء ، ولكنني قاومت

الدموع. لقد عرفت الآن مالذي كان غائباً عن حجتي ، لقد كانت خالية من

أي مشاعر بالوحدة والأخوة والمحبة التي يأمر الإسلام بها أتباعه ...

فقد سمحت لنفسي أن أشعر بتفوقي على المسلمين من حولي وأن

أبتعد عنهم لدرجة أنني في النهاية شعرت أن حجتي أصبحت شعيرة خاصة

بي في الوقت الذي يفترض أن تكون العكس .

لقد كانت كلمات أحمد الإلهامية هي التي أرتني أخطاء الطرائق التي كنت

أنتهجها ...

لقد شعرت وكأن علي أن أعيد الحج من جديد ، لأن أحد أهم العناصر

الأساسية في الحج _وهو محبة أخوتي في الإسلام _ كانت غائبة عني

أثناء أداء الفريضة ..

قلت لأحمد :" لقد كنت محظوظاً بأن رأيتك يا أحمد ، فليبارك الله فيك ،

والسلام عليكم وررحمة الله يا أخي أحمد " . قلت له ذلك وأنا أصافحه مودعاً.

أجابني بابتسامة عريضة قائلاً:" وعليكم السلام ورحمة الله يا أخي جفري".

.............................................................................................

23-1-2005    01:48
مشاهدة اللمحة الشخصية تحرير/حذف الرسالة
جميع الأوقات بتوقيت قارة | الوقت الآن:   الثلاثاء   19/8/2025   19:13 لكتابة موضوع جديد   

منتدى الحوار  >>  منتدى الحوار العام





حقوق النسخ محفوظة لموقع قارة دوت كوم
أفضل مشاهدة للموقع باستخدام متصفح إنترنت إكسبلورر 5.5 وما بعده ودقة شاشة 800 * 600 بيكسل